الغاز الطيب(الاوزون)

كثيرا ما نسمع عن الأوزون ،وكثيرا ما يتردد هذا اللفظ على ألسنة البعض منا ،فمنا من يقول أنه جزء من طبقات الغلاف الجوي ،أو جزء من طبقة السترات وسفير ، أو ما نسمعه في شاشات التلفزة عن ثقب الأوزون ، ولكنهم لا ينظرون إلى فوائد الأوزون الأخرى .
فالأوزون كما نعلم غاز ذو لون ورائحة كريهة ،وهذا ما عرفه صيادو الأسماك من الهنود الأمريكيين (ما قبل كولومبوس) حيث لا حظوا توافر الصيد في الفترة التي تعقب العواصف الرعدية ،حيث يكون الهواء مليء برائحة فريدة من نوعها كريهة لا تشبه أيا من الروائح الفاسدة الأخرى .
مما دعى الغريق فور ملاحظتهم له بتسميته (بالإوزيين) ،ولكنهم لم يكونوا يعرفوا بعد سبب تلك الظاهرة ،حتى جاء العلماء مفسرين ذلك باعتقادهم أن الشحنات الكهربائية الناتجة عن العواصف الرعدية تزيد من نسبة الأكسجين في الطبقة السطحية لمياه البحر مما يؤدي إلى اتحاد ذراته معا ،ويتكون ما يسمى بالأوزون ،التي تزيد نسبة تركيزه في الطبقات العليا للبحار ،مما يؤدي إلى انجذاب الأسماك إلى أعلى ، حتى تقع في شباك الصيادين.
وفي نيسان من القرن الثامن عشر بدأ العلماء بتجاربهم واكتشافاتهم حول غاز يساعد على الاشتعال ويؤدي إلى أكسدة العناصر ، وتوالت الأبحاث والاكتشافات إلى أن قام الكيميائي الألماني شونبين بتكرار تجارب ما سبقه من العلماء حتى توصل إلى أن سبب الرائحة المميزة المتكونة عند تسليط شحنات كهربائية على غاز الأكسجين ، هو تكوين غاز جديد من اتحاد ذرات الأكسجين الثلاث معا وأعطاه اسم الأوزون وهو ما نعرفه الآن .
وفي القرن التاسع عشر وحين انتهائه من أبحاثه حول الأوزون بدأ في استخدامه في تطهير غرف العمليات الجراحية .
وبالكشف عن القدرة الهائلة لأوزون بقتل السموم والبكتيريا والفيروسات ، من خلال أكسدة العناصر ، تم استخدامه في تنقية مياه الشرب في فرنسا ، وعقبها في أمريكا ،ومن ثم في علاج بعض الأمراض الجلدية بالإضافة إلى الجروح و النواسير والتهابات العظام في ألمانيا .
فيتكشف لنا أن الأوزون يستخدم في علاج الكثير من الأمراض دون النظر إلى سببها ولكن من جهة طبيعة المرض ونهايته المتوقعة ،فما هو سر هذا الدواء العجيب ؟
إن الأوزون يتكون من اتحاد ثلاث ذرات من الأكسجين ،وهو عامل مؤكسد قوي لا يفوقه على ذلك سوى الفل ورين ،وبالنظر إلى ذلك فانه يمتلك القدرة على إمداد الأجسام التي تفقد قدرتها على التخلص من المواد الضارة ،بقدر كاف من الأكسجين يغرق البكتريا والسموم وبالتالي يؤدي إلى موتها ، وفي ذلك الوقت يصبح الجسم مشبعا بالأكسجين ويصبح نقيا من هذه الأمراض والسموم.
حيث أن العلاج بالمؤكسدات الحيوية ومنها الأوزون يؤدي عشرة وظائف منها أنه يقوم على تحفيز إنتاج كريات الدم البيضاء أي خط الدفاع الأول في الجسم، وقتل الفيروسات من خلال تحليل الغلاف الدهني فيها ،وزيادة قدرة الهيموغلوبين على توصيل الأكسجين إلى الخلايا ،وما إلى ذلك من الوظائف.
وكما نعلم دائما أن قليلا دام خير من كثير منقطع ، أي أن الدواء المكون من الأوزون يجب أن يحتوي كمية ضئيلة منه بالنسبة إلى كمية الأكسجين النقي التي تضاف إليه للعلاج ،وذلك لان النسبة القليلة جدا منه لا تجدي نفعا أي تصبح غير فعالة ، والنسبة الكثيرة تؤدي إلى تثبيط جهاز المناعة .
وفي الوقت الحاضر توجد طرق عدة للعلاج بالأوزون وهي ثماني طرق وتاسعة معقدة بعض الشيء ،منها الحقن المباشر والحقن المباشر في الوريد والشريان والحقن العضلي وغيرها من طرق العلاج.
ولعل الأوزون لا يستخدم في علاج الأورام فقط بل في علاج مرض متلازمة المناعة المكتسبة (الإيدز) وعلاج الإصابة بفيروس(سي) والكثير من الأمراض كقصور الدورة الدموية ،والأنفلونزا ،والتهاب الكبد الوبائي الحاد والمزمن والعديد من الأمراض الأخرى.
ولكن يبقى السؤال : لـِم لـــَم نسمع عن هذا النوع من العلاج من قبل ؟ أو لـِم لا نستخدمه الآن في العلاج ؟
والسبب يعود إلى أن التكلفة النهائية لتحضير العلاج بالأوزون لا تكاد تصل إلى نصف التكاليف المدفوعة في طرق العلاج الأخرى.
مما يؤدي إلى تهديد الكثير من المؤسسات الطبية الكبرى والمستشفيات الخاصة التي تعتاد على زيادة تكلفة الأدوية المعقدة التي تستخدمها وإقامة طويلة الأمد في المستشفيات .
ولم يتم تهديد الأطباء بسحب ترخيص ممارسة المهنة إذا سول لهم استخدام الأوزون في علاج مرضاهم ؟ ولا يقفون إلى هذا الحد بل إلى إغلاق عياداتهم ومحاكمتهم في بعض الدول . كما انه لا يتم تدريس هذه الطريقة في العلاج في كليات الطب.
لم هذا الجشع والطمع؟ لم نقف في وجه الفقراء الذين لا حيلة لهم على دفع تكاليف باهظة للإقامة في المستشفيات الخاصة ، ولا على دفع فاتورة الدواء لبعض الأدوية التقليدية.
أما حاليا فإن بعض الدول منحت الأوزون والمؤكسدات الأخرى اعترافها بها كعلاج تحت التجريب وخاصة في علاج الإيدز وفيروس سي .


وبعد مرور قرن على استخدام الأوزون في العلاج ،فان الأبحاث ما زالت تتوالى للتأكد من فاعليته وفائدته، كما أنه لا يزال يستخدم كعلاج تكميلي إلى جانب الأدوية والعقاقير التقليدية ولكن هذا لا يعني انه لم يدخل ما يسمى بمنظومة الطب البديل.