‏10‏ آلاف عالم فيزياء يحاولون قراءة سيناريو اللحظات الأولي لميلاد الكون

التوصل إلي مادة الكون وأقرب تصور للحظة مولده كان هدفا يسعي العلماء في شتي أنحاء الكون لتحقيقة‏,‏ وحاليا يعكف نحو‏10‏ آلاف عالم فيزياء نووية من مختلف دول العالم علي دراسة وتحليل الظواهر الطبيعية الغريبة التي تنتج عن تجارب معمل سيرن لبحوث الطاقة النووية الموجود تحت الأرض بالقرب من العاصمة السويسرية ذلك في محاولة للخروج بمعلومات كافية حول كيفية ميلاد الكون‏,‏ حيث يتم توفير ظروف مشابهة للثواني الاولي التي تلت الانفجار الكوني العظيم‏,‏ والتي تمثل اللحظات الأولي من عمرالكون ومولد الجزئيات الأولية للذرة التي تجمعت وشكلت الانوية والذرات فالجزيئات والعناصر‏,‏ ثم كونت النجوم والكواكب والمجرات التي أخذت تتباعد حتي اليوم‏.‏ ويري العلماء أن هذا المشروع يمكن ان يقدم دليلا علي وجود فيزياء غريبة مثل فيزياء الأوتار الفائقة‏,‏ التي يشكل كوننا نقطة صغيرة فيها‏,‏ ويمكن لهذا المشروع العملاق ان يجيب عن الكثير من الأسئلة التي لم يجاب عليها مثل ماهية الطاقة والكتلة ومادة الجسيمات الأولية وطبيعة المادة المعتمة والكثيفة وغيرها‏.‏

وتم تصميم المصادم الهيدروني العظيم الذي يضم معجلا دائريا عملاقا ينتج نحو تريليون الكترون فولت‏,‏ من خلال دفع بروتونات نواة ذرة هيدروجين بسرعة الضوء في مسار دائري يشبه حلقة طولها‏27‏ كلم‏,‏ ومن حولها حلقة أخري بها معجل لتوليد مجالات مغناطيسية فائقة الشدة للتحكم في مسار البروتون‏,‏ بالاضافة للأجهزه البالغة الدقة والحساسية التي تراقب الظواهرالتي تحدث أثناء التجربة‏.‏ وعند إطلاق حزمتين متقابلتين من البروتونات في النفق بسرعة الضوء يحدث تصادم يؤدي لانشطار البروتونات وخروج المكونات الأولية للنواة كالكواركات والميزونات‏.‏ وهنا تتولي اجهزة الرصد متابعتها وتحليل تصرفاتها‏.‏ ويتوقع الدكتور علاء الدين بهجت أستاذ الفيزياء بعلوم الأزهر من هذه التجربة حدوث ظواهر طبيعية مفاجأة أثناء تصادم البروتونات‏.‏ كما يتوقع العلماء حدوث فصل لأحد قطبي المجال المغناطيسي عن الآخر وهي ظاهرة لم يتمكن العلم من الوصول اليها‏.‏ ولو تم اكتشاف المغناطيس أحادي القطب فسيكون ذلك بمثابة إنتصار عظيم للبشرية‏,‏ حيث يمكن من خلاله التعرف علي تفاصيل سيناريو الثواني الاولي التي تلت انفجار الكون منذ‏15‏ مليار سنة‏.‏

ويؤكد الدكتور بهجت أن المغناطيس وحيد القطب لا يوجد إلا في ظروف خاصة‏.‏ وتحت ضغوط ودرجات حرارة مراكز النجوم العملاقة والثقوب السوداء‏,‏ ومن المنتظر أن يبدأ مسارع الجزيئات عمله بزيادة الطاقة والكثافة تدريجيا خلال العام المقبل‏,‏ مما يؤدي للخروج بمعلومات كافية حول المشاكل الفيزيائية العالقة‏.‏ وقد نجح العلماء في اجراء تجربة داخل المختبر العملاق بجعل أيونات الرصاص ترتطم ببعضها مولدة لبرهة درجات حرارة تفوق بمائة الف مرة درجات الحرارة المولدة في قلب الشمس‏,‏ وطاقة أكثف بمقدار‏20‏ مرة من المادة العادية‏.‏ ويسعي العلماء للوقوف علي اسرار المادة السوداء والطاقة السوداء وغيرها من الامور التي تساهم في تفسير كيفية نشأة الكون‏.‏ ويذكر ان الانفجار الكوني العظيم بدأ في التمدد والتوسعبسرعة لتتكون النجوم والكواكب‏,‏ وتنشأ الحياة‏.‏ وتشير أحدث ملاحظات علماء الفلك إلي أن مادة المجرات والغازات والنجوم والكواكب تشكل نحو‏4%‏ من مادة الكون‏.‏ أما بالنسبة لباقي أجزاء الكون فتتشكل من المادة السوداء بنسبة‏23%‏ والطاقة السوداء‏73%.‏

وإذا كان لهذه التجربة مؤيدوها‏,‏ فهناك تحذير شديد اللهجة أطلقه علماء أمريكيون مطالبين بوقف تجربة الانفجار الكبير قبل أن تدمرنا جميعا‏,‏ علي حد قولهم‏,‏ فقد قدم العالم الأمريكي والتر واو فاجنر وزميله لويس سانشو دعوي قضائية إتحادية تطالب بوقف عملية الانفجار الكبير‏,‏ معتبرين أنها يمكن أن تؤدي إلي تكوين ما يسمي بـ‏'‏الثقب الأسود‏',‏ الذي يتميز بكثافته العالية وجاذبيته الهائلة‏,‏ بحيث يمكنه أن يبتلع كوكب الأرض‏.‏

وقد اعترف علماء بالمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية بأن هناك إمكانيه حقيقية لحدوث تداعيات للتجربة المدمرة‏,‏ مثل الثقوب السوداء‏,‏ والتحولات الفضائية وغيرها‏,‏ وهذه الأحداث لديها القدرة علي أن تغير في مفهوم النظريات الكونية الموجودة‏,‏ ومن الممكن أن تدمر كوكبنا‏.‏

وبالتزامن مع دعوة فاجنر القضائية‏,‏ نشرت العديد من المواقع علي الإنترنت تقارير تفيد بأن المعجل التصادمي الجسيمي الذي سيستخدم في التجربة سيؤدي إلي حدوث ثقوب سوداء قد تبتلع الكوكب‏,‏

ويستبعد الدكتور أنس عثمان الرئيس السابق لمركز البحوث الفلكية أن تتكون ثقوب سوداء بالمعجل نظرا لصغر حجم التجربة حيث يحتاج تكون الثقوب السوداء لانفجار كتل ضخمة‏.‏وفي الوقت نفسه رد فريق آخر من علماء المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية بالقول إن هذا‏'‏ محض هراء‏',‏ حيث أكدت المنظمة أن‏'‏ المعجل التصادمي الجسيمي‏'‏ آمن وأي أشارة إلي أنه قد يمثل خطرا هي محض خيال‏.