الشهيد فرحان الحسبان

الشهيد فرحان الحسبان
هزتني لحد البكاء الكلمات التي خطها الشهيد فرحان محمد سلامة الحسبان الى ابنته الوحيدة "فيحاء" في وصيته التي كتبها قبل يوم من استشهاده دفاعا عن ثرى الاردن في الرابع من حزيران .

1967 من يقرأ وصية الشهيد فرحان للطفلة "فيحاء" التي لم يكن عمرها آنذاك يتجاوز ثمانية أشهر يدرك ان "فرحان" كان بطلا في حياته وفي أخلاقه عندما خاطب "وحيدته" مطالبا إياها ان تفتخر بأنه استشهد مقبلا لا مدبرا في سبيل المسجد الاقصى وفي سبيل غسل العار عن جيل ابنته الذي شهد عدوان حزيران.

لا اعرف مصير "فيحاء "ابنة الشهيد فرحان لكنها حتما اليوم ناهزت الاربعين عاما وقد كان اباها يتمنى ان يراها "لتقولي لي يا بابا.

" لكنه استشهد ولم يطلب في وصيته مكسبا شخصيا او أرضا او فيلا او سيارة او منحة جامعية لابنته وزوجته تعينهما في الحياة بل كان مطلبه لـ "فيحاء" ان تكون مثالا للأخلاق وزوجة صالحة وان تسمي ابنها "فرحان" على اسم جده الشهيد" ولعلها فعلت ذلك, يا الله كم هو الشهيد صاحب منزلة رفيعة ! بالفعل ان الشهداء أكرم خلق الله جميعا.

وتقول مديرية التوجيه المعنوي في القوات المسلحة الاردنية ان الشهيد فرحان أصر على الخروج من خندقه لإصلاح عطل أصاب الاتصالات رغم ان طائرات العدو تحوم في الجو وقد عاجلته طائرة معادية بصاروخ استهدف الآلية التي استقلها.

انحني احتراما لذكرى الشهداء, وهذا يذكرني ببطولة الشهيد الرئيس الدكتور "ابن مادبا" نورس جريس اليعقوب العزيزات الذي استشهد في قرية الزبابدة في فلسطين أثناء حرب 1967 حيث اصر "نورس" بشجاعة منقطعة النظير على القيام بواجبه الانساني الذي اقسم عليه وأصر على إسعاف زملائه الجرحى الابطال في ارض المعركة رغم وجود الطائرات الاسرائيلية في الجو الى ان سقط شهيدا.

وتطول قائمة الأبطال من شهداء الجيش العربي, من موفق السلطي الى فراس العجلوني الى المئات بل آلاف من أمثالهم من الأردنيين الأباة الشجعان الذين واجهوا الموت بصدورهم دفاعا عن ثرى الاردن الطاهر,.

لكن ماذا عملنا لهؤلاء الابطال? لا اعتقد ان الشهيد - أي شهيد - يطلب مكافأة على عمله, ولا اعتقد ان الشهيد يمكن ان يأخذ حقه ويكافأ على عمله لان لا ثمن لبطولته, الم يدفع مقابلها حياته وهي اعز ما يملك.

ما يفرح القلوب أن نرى الدولة الاردنية والقوات المسلحة زادت من جرعة اهتمامها بالشهداء وبطولاتهم دفاعا عن الوطن في كل مراحله التاريخية وما مكرمة جلالة الملك عبدالله الثاني اول امس لقدامى العسكريين من منتسبي الحرس الوطني, الا دليل على الاهتمام الكبير الذي يحظى به الأبطال والشهداء من قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية.

لا يكفي ان نسمي شارعا او دوارا باسم احد الشهداء بل يجب إحياء ذكراهم الى الابد والتذكير ببطولاتهم للأجيال المتعاقبة, من خلال ناد لأبناء الشهداء ومن خلال التوثيق افلام وثائقية, مسلسلات تلفزيونية, كتب, سي دي.

ونتمنى ان نرى مسلسلات تلفزيونية ابتداء من هبة الكرك 1910 وبطولة الشيخ قدر المجالي الى بطولة الشيخ صايل الشهوان مرورا ببطولات الجيش الاردني دفاعا عن القدس واللطرون والسموع والخليل وفي معركة الكرامة الخالدة

نريد توثيقا حقيقيا وعلميا لبطولات أبناء الاردن وان لا نتذكرهم فقط الا عندما يهاجمنا الآخرون او يغمطون حقنا, واذكر ان القوات المسلحة أصدرت كتيبا بعد معركة الكرامة يؤرخ التفاصيل والشهداء وصورهم, لماذا لا نعيد طباعة الكتاب ونصدر كتبا خاصة بكل معركة تؤرخ لبطولات القوات المسلحة وتكون مرجعا تاريخيا لا يُنسى.


نبيل غيشان


ففي ليلة الثالث من حزيران عام 1968ومن ارض المعركة على خط المواجهة خط فرحان كلمات

يخاطب ابنته

فيقول

ابنتي... أكتب هذه الكلمات في الليلة الثالثة من شهر حزيران سنة 1968، عندما كنت جالسا في خيمتي، كنت أؤمن أن الموت حق كذلك الشهادة في سبيل الحق والواجب والمسجد الأقصى، فإذا وهبني الله الشهادة، راجيا أن تعتزي عندما يقال اسمي واجهري أن والدك شهيد.. نعم شهيد انه فارق الحياة مقبل.. نعم مقبل وليس مدبر


وإذا قيل أن والدك فارق الحياة وهو مدبر وكان هذا صحيح لا تتعرفي علي ،،، لن أكون هكذا

سأستشهد باذن الله وانا مقبل وبعد أن ابلي بلاء حسن في سبيل المسجد الأقصى وفي سبيل إزالة العار عن هذا الجيل الذي كتب الله عليه الجهاد في سبيله....

كان أملي أن أراك وأنت تقولي لي بابا ولكن لنا لقاء في جنات الخلد


ابنة الشهيد باذن الله فرحان..وفيت عهدك وحفظت اسمك




كتب - حاتم العبادي - أبي .. الوالد الشهيد .. سلام عليك وعلى رفاقك... بابا، كما اشتهيت أن أناديك.. لقد وفيت لك عهدك وحققت لك ما طلبت رسالة بعثت بها فيحاء فرحان الحسبان إلى روح والدها الشهيد.
كوني في شبابك مثال الأخلاق .. وفي زواجك نعم الزوجة والام .. وسمي ابنك فرحان كي لا تنسي اسمي .. وهذا أملي...وصايا ثلاث حملتها رسالة فرحان لابنته الرضيعة فيحاء ابنة الثمانية اشهر التي أوصاها بها قبل يوم على استشهاده في الرابع من حزيران من العام 1968.
أيها الحر الوفي.. أن وصيتك لي ... هي دستور حياتي.. تنير لي دربي..
أبي أنني افتقدك كثيرا.. ولكن ذكراك الطيبة تجعلني أعشر بأنك كل يوم معي والى جنبي.. أيها المقبل على الشهادة والتضحية أنك وسام عز وفخر أباهي فيه الأمم تجيب أم فرحان على أبيها مفتخرة ومعتزة.

تمنيت وأخلصت ووعدت ، فنلت ما تمنيت وأوفيت بالوعد سأستشهد وانا مقبل، وبعد أن ابلي بلاء حسن في سبيل المسجد الأقصى وفي سبيل إزالة العار عن هذا الجيل الذي كتب عليه الله الجهاد في سبيله.

حرمانها من رؤية وجه أبيها، الذي فارقها جسده ولم تراه، إلا أن روحه وذكراه الطيبة، الحاضرة معها في كل وقت، لم يجعلها تشعر بالبعد عنه أو الحرمان منها، تقول أم فرحان.

أبي لقد كنت حاضر معي تساندي وتدعمني.. أبي لقد منيت بشرف تضحيتك بأفضل تعليمي مجاني واحترام لروحك الطاهرة كانت لي أفضل حياة لا ينقصني سوى رؤية وجهك.. وكانت لي أجمل كنيه بنت الشهيد باذن الله وبنت الصقر وكان لي أفضل مسكن.. وهذا الفضل يعود لك.

أبي أنني تزوجت ورزقت بأولاد أكبرهم فرحان وكان لك ما تمنيت.. ولي أبناء فرح وعلا ومحمد واحمد.
رسالة فرحان إلى ابنته فيحاء سطرت في معانيها أجمل معاني التضحية وأروعها وأشجعها للشهداء الاردنين الذين قدموا الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن ثرى الوطن وفلسطين والمسجد الأقصى.

ففي ليلة الثالث من حزيران عام 1968ومن ارض المعركة على خط المواجهة خط فرحان كلمات

يخاطب ابنته، فيقول ابنتي... أكتب هذه الكلمات في الليلة الثالثة من شهر حزيران سنة 1968، عندما كنت جالسا في خيمتي، كنت أؤمن أن الموت حق كذلك الشهادة في سبيل الحق والواجب والمسجد الأقصى، فإذا وهبني الله الشهادة، راجيا أن تعتزي عندما يقال اسمي واجهري أن والدك شهيد.. نعم شهيد انه فارق الحياة مقبل.. نعم مقبل وليس مدبر..


وإذا قيل أن والدك فارق الحياة وهو مدبر وكان هذا صحيح لا تتعرفي علي ،،، لن أكون هكذا..

سأستشهد باذن الله وانا مقبل وبعد أن ابلي بلاء حسن في سبيل المسجد الأقصى وفي سبيل إزالة العار عن هذا الجيل الذي كتب الله عليه الجهاد في سبيله....

كان أملي أن أراك وأنت تقولي لي بابا ولكن لنا لقاء في جنات الخلد ...

لقد أوفى فرحان ما وعد به وحقق ما تمناه...فقبل استشهاده بيوم.. هاتف والده بعد يومين من مغادرته البيت والأهل ليطمئن عليهم.. بل مودعا لهم .. وبعدها يجلس في خيمته ليكتب رسالته الأخيرة إلى ابنته.

ففي اليوم التالي،حسب ما رواه زملائه للأهل، يقول شقيقه عبدالله، تعرضت الكتيبة المجاورة لكتيبة المدرعات الأولى،حيث يلتحق فرحان، الذي ما أن اعلم بذلك حتى وجه دبابته مقبل نحو العدو لا مدبر رافعا شعار المنية ولا الدنيّه، رغم تحذيرات مسؤولية..

ليكون على موعد مع الشهادة باذن الله بعد ساعات بعد أن دافع بعز وكبرياء للذود عن العرض والشرف.ما لم يحققه فرحان في معركة الـ(1967) لنيل الشهادة في الخليل ، ناله بعد اقل من عام. فبعد عام واحد على نكسة حزيران، وفي فترة شهدت حرب استنزاف شرسة بين جيشنا الباسل ( الجيش العربي) والجيش الإسرائيلي وخلال تلبيته لنداء الواجب والحق قضى فرحان الحسبان شهيدا باذن الله.. ليقوم زملائه بعده بتسليم وصيته إلى ذويه.


وتقول أم فرحان أن الله أكرمها باستشهاد - ان شاء الله - والده كرما لا يوازيه كرم بأنني بكل فخر واعتزاز ابنة الشهيد ومنيت حياة كريمة...

وكيف لا وإنها ابنة شهيد تنعم أسرته بفيض من العناية الملكية، من حياة رغيدة في مسكن كريم ، كباقي أبناء واسر الشهداء الأردنيين، الذين أسبغ عليهم جلالة الملك عبدالله الثاني بمكارم تتواصل مع مداد دم الشهداء لتبقى الشهادة أمنية في سبيل الأوطان والمقدسات.
__________________
رب إجعلني مقيم الصلاة و من ذريتي ربنا و تقبل دعاء